خطأ فكرة التنفيس عن الغضب
خطأ دانييل جولمان
ترجمة : ليلى الجبالي
اليكم هذه القصة. بمجرد ما ركبت سيارة اجرة ذات يوم , شاهدت شابا يعبر الطريق , ويقف امام السيارة ينتظر ان تخف حركة المرور , صاح السائق بصبر نافذ مشيرا الى الشاب ان يتحرك من امامه ويفسح له في الطريق , لكن الشاب لم يرد عليه الا بتقطيبة وجه وأشارة بذيئة .
فصرخ عليه السائق وضغط على البنزين , ثم ( فرمل ) مرة واحدة , مهددا الشاب في الوقت نفسه , ومع هذا التهديد المهلك تحرك الشاب الى جانب الطريق وهو مقطب الوجه , وضاربا السيارة بقبضة يده وهي تواصل تحركها في زحمة المرور . اما السائق فقد اخذ يشتم ذلك الشاب المزعج بسيل من الشتائم التي لم يسمعها الشاب .
وبينما نحن في طريقنا , قال لي السائق , وكان لا يزال متوترا , ( لا احد يستطيع اليوم ان يعاقب اي فرد , انت لا تملك الا ان تصرخ , على الاقل ان تنفس عن نفسك . . . ! ) هكذا يكون التنفيس عن الغضب احيانا تخفيفا من الانفعالات , ووسيلة منفصلة للتعامل مع الغضب , فهناك نظرية شائعة تقول : ( هكذا التنفيس يجعلك في حالة افضل ) لكن كما اوضحت نتائج ابحاث ( زيلمان ) فأن هناك برهانا على خطأ فكرة تخفيف الانفعال . نشأ هذا البرهان منذ الخمسينيات عندما بدأ السيكولوجيون يختبرون آثار تخفيف الانفعال بالبحث التجريبي , فوجدوا ان التنفيس عن الغضب لا يؤثر مع الوقت الا بالقليل , بل لا يفعل شيئا للتخلص من . ( وعلى الرغم من طبيعة الغضب الاغرائية قد تحقق الشعور بالرضى ) , وهناك بعض ظروف معينة قد يفيدها الانفجار غضبا بالتعبير عنها مباشرة للشخص الذي استفز الغضب , هذا التنفيس مفيد خاصة اذا حمل معنى المواجهة , او تصحيح ظلم ما , او كان بمنزلة عقوبة اذا ارتكبه هذا الشخص لدفعه الى تغيير انشطته الخطيرة من دون الانتقام منه , ولكن نظرا لطبيعة الغضب المهيجة تجد ان القول بذلك اسهل من القيام به.
وتوصلت ( تايس ) الى ان التنفيس عن الغضب هو اسوأ الوسائل لتهدئته . فانفجار نوبة الغضب الشديدة يرفع مستوى الاثارة في المخ الانفعالي , فيزداد الشعور بالغضب وليس العكس .
وجدت ايضا ان اولئك الذين حكوا عن الاوقات التي انفجروا فيها غضبا في وجه من استفزوا غضبهم ترتب عليه اطالة تأثير الغضب في حالتهم النفسية اكثر من انتهاء هذا التاثير .
انتهت ( تايس ) الى ان تهدئة الغضب في مهده , هي الاكثر فعالية , يأتي بعدها مواجهة الشخص الذي استفز الغضب بسلوك بناء وأكثر وثوقا , بهدف انهاء النزاع بين الطرفين , وكما سمعت ذات مرة ان ( شوجيام ترونجبا ) وهو معلم من التبت , عندما سئل , ما افضل وسيلة للتعامل مع الغضب ؟ قال : ( لاتقهره , ولكن اياك ان تطيعه ) .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق